ينقسم العمل إلى قسمين: عمل القلب، وعمل الجوارح.
>وعمل القلب مثل الخشية والتوكل والانقياد والخوف والرجاء والرهبة، فهذه الأعمال كلها من أعمال القلوب، وأكثر حديث القرآن عنها، فهي الأساس، وبناءً عليها تكون أعمال الجوارح، فالإخبات والإنابة والتوكل والرغبة والاستعانة والصدق من أعمال القلوب، ولهذا قال الله تعالى في سورة الفاتحة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] وفي سورة الملك: قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا [الملك:29].
وأعمال القلوب كثيرة ومهمة، وكل عمل من أعمال القلوب له آيات وأحاديث كثيرة.
أصول الأعمال القلبية
>أصول الأعمال القلبية أصلان: المحبة والصدق.
والإنسان إذا اجتمع في قلبه الصدق مع الله والصدق في الإيمان بالله إلى درجة اليقين والرضا -لأن الرضا لازم مع الصدق- ووصلت به محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا يقدم على مرضاة الله سبحانه وتعالى أي شيء، فهو قد استكمل شعب الإيمان؛ لأنه جمع أصول الأعمال، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم رحمه الله في أكثر من موضع.
فأعمال القلوب أساسها وأعظمها عملان، لأن الأقوال والأعمال جميعاً ترجع إليهما، وهما: المحبة والصدق؛ فمن لم يكن محباً لله ولا لرسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يتقبل الله منه شيئاً؛ فلو أنفق الإنسان الآلاف والملايين لكن حاله كحال المنافقين: وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:54] وقد ذكر قبل ذلك أن نفقاتهم لا تقبل منهم، قال تعالى: قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ * وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:53-54].
الكسل علامة على عدم المحبة، وكل من غلبه الكسل عن عمله فهو لا يحب هذا العمل، فمثلاً لو كنت غارقاً في النوم بسبب الإعياء والإرهاق والتعب، ودخل عليك من تحب وأيقظك من النوم، فإنك تستيقظ في غاية النشاط، وفي غاية السرور، لا تفكر بإرهاق ولا بسهر، وتقول: ذهب التعب كله، وهذه سنة الله سبحانه وتعالى.
ولهذا لما تمكنت محبة الله من قلوب الصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح من بعدهم، رأينا العجب العجاب من جهادهم في سبيل الله وحرصهم على طاعة الله، وعبادتهم لله، وإيثارهم ما عند الله على هذه الدنيا جميعاً.
أما الصوفية فقد عبدوا أنفسهم، وعبدوا رغباتهم وشهواتهم، لأن المحبة الحقيقية هي أن يؤثر الإنسان رضا الله ومحبته، ويقدمها على كل شيء، فتكون محبته تابعة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: {ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما } فلا يقدم على حبهما شيئاً، كما قال صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين }.
ولذلك قال الله تعالى في آية التوبة: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا [التوبة:24] وهذه الخصال الثمان هي التي تصرف الناس عن الله ورسوله وعن الجهاد في سبيل الله فأخبر تعالى أن هذه المغريات -القرابة، والأموال، والمساكن، والتجارة- إن كانت أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:24].
وقال في الكفار: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ [البقرة:165]. فلا يعبد أحد صنماً أو حجراً أو ملكاً أو رجلاً صالحاً أو نبياً، إلاَّ بدافع المحبة له.
إذاً: الإيمان يشمل أربعة أركان، ولنضرب على هذا مثلاً: ذكر الله والتسبيح يدخل في باب قول اللسان، وأيضاً يدخل في قول القلب؛ لأن ذكر الله عز وجل له حالات عند الناس: الحالة الأولى: حالة من يذكر الله سبحانه وتعالى بلسانه وقلبه، وهذا يعتبر أعلى وأفضل الدرجات.
الحالة الثانية: حالة من يذكر الله بلسانه فقط، وهذا لا بأس به، لكن بقدر ارتباطه بالقلب يكون فضله، ولا يحرم هذا من الأجر لأنه قد ذكر الله بلسانه؛ لكنه ليس كالذي يقولها وقد قرن القلب باللسان، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند : {من شهد أن لا إله إلا الله يصدق قلبه لسانه ويصدق لسانه قلبه } فهذه أعلى درجة، فأفضل أنواع ذكر الله: أن يكون اللسان مصدقاً للقلب والقلب مصدقاً للسان.
ومن أمثلة أعمال الجوارح: الصلاة، وهي أعظم أعمال الجوارح؛ فلو صلاها العبد بلا عمل القلب، لم ينفعه ذلك، وقد قال بعض السلف : [لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ]، وهذا ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحيح، لكن الكلام حق، فلابد في الصلاة من النية والخشوع، ولابد من اليقين والتصديق لله سبحانه وتعالى الذي أمرنا بهذه الصلاة، وفي الصلاة أيضاً -مع ذلك- عمل الجوارح؛ فعلى الإنسان أن يقوم -مع القدرة على القيام- بأن يركع كما كان يركع النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستوي راكعاً، ثم يرفع ويقول ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسجد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {صلوا كما رأيتموني أصلي }.
فلأجل أن يكون العبد مؤمناً على الحقيقة، ويستحق ما وعد الله به عباده المؤمنين وأصفياءه المتقين؛ لابد أن يأتي بأركان الإيمان الأربعة:
- قول القلب.
- قول اللسان.
- عمل القلب.
- عمل الجوارح.
وهذا هو معنى كلام السلف أن الإيمان قول وعمل.
>وعمل القلب مثل الخشية والتوكل والانقياد والخوف والرجاء والرهبة، فهذه الأعمال كلها من أعمال القلوب، وأكثر حديث القرآن عنها، فهي الأساس، وبناءً عليها تكون أعمال الجوارح، فالإخبات والإنابة والتوكل والرغبة والاستعانة والصدق من أعمال القلوب، ولهذا قال الله تعالى في سورة الفاتحة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] وفي سورة الملك: قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا [الملك:29].
وأعمال القلوب كثيرة ومهمة، وكل عمل من أعمال القلوب له آيات وأحاديث كثيرة.
أصول الأعمال القلبية
>أصول الأعمال القلبية أصلان: المحبة والصدق.
والإنسان إذا اجتمع في قلبه الصدق مع الله والصدق في الإيمان بالله إلى درجة اليقين والرضا -لأن الرضا لازم مع الصدق- ووصلت به محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا يقدم على مرضاة الله سبحانه وتعالى أي شيء، فهو قد استكمل شعب الإيمان؛ لأنه جمع أصول الأعمال، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم رحمه الله في أكثر من موضع.
فأعمال القلوب أساسها وأعظمها عملان، لأن الأقوال والأعمال جميعاً ترجع إليهما، وهما: المحبة والصدق؛ فمن لم يكن محباً لله ولا لرسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يتقبل الله منه شيئاً؛ فلو أنفق الإنسان الآلاف والملايين لكن حاله كحال المنافقين: وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:54] وقد ذكر قبل ذلك أن نفقاتهم لا تقبل منهم، قال تعالى: قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ * وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:53-54].
الكسل علامة على عدم المحبة، وكل من غلبه الكسل عن عمله فهو لا يحب هذا العمل، فمثلاً لو كنت غارقاً في النوم بسبب الإعياء والإرهاق والتعب، ودخل عليك من تحب وأيقظك من النوم، فإنك تستيقظ في غاية النشاط، وفي غاية السرور، لا تفكر بإرهاق ولا بسهر، وتقول: ذهب التعب كله، وهذه سنة الله سبحانه وتعالى.
ولهذا لما تمكنت محبة الله من قلوب الصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح من بعدهم، رأينا العجب العجاب من جهادهم في سبيل الله وحرصهم على طاعة الله، وعبادتهم لله، وإيثارهم ما عند الله على هذه الدنيا جميعاً.
أما الصوفية فقد عبدوا أنفسهم، وعبدوا رغباتهم وشهواتهم، لأن المحبة الحقيقية هي أن يؤثر الإنسان رضا الله ومحبته، ويقدمها على كل شيء، فتكون محبته تابعة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: {ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما } فلا يقدم على حبهما شيئاً، كما قال صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين }.
ولذلك قال الله تعالى في آية التوبة: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا [التوبة:24] وهذه الخصال الثمان هي التي تصرف الناس عن الله ورسوله وعن الجهاد في سبيل الله فأخبر تعالى أن هذه المغريات -القرابة، والأموال، والمساكن، والتجارة- إن كانت أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:24].
وقال في الكفار: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ [البقرة:165]. فلا يعبد أحد صنماً أو حجراً أو ملكاً أو رجلاً صالحاً أو نبياً، إلاَّ بدافع المحبة له.
إذاً: الإيمان يشمل أربعة أركان، ولنضرب على هذا مثلاً: ذكر الله والتسبيح يدخل في باب قول اللسان، وأيضاً يدخل في قول القلب؛ لأن ذكر الله عز وجل له حالات عند الناس: الحالة الأولى: حالة من يذكر الله سبحانه وتعالى بلسانه وقلبه، وهذا يعتبر أعلى وأفضل الدرجات.
الحالة الثانية: حالة من يذكر الله بلسانه فقط، وهذا لا بأس به، لكن بقدر ارتباطه بالقلب يكون فضله، ولا يحرم هذا من الأجر لأنه قد ذكر الله بلسانه؛ لكنه ليس كالذي يقولها وقد قرن القلب باللسان، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند : {من شهد أن لا إله إلا الله يصدق قلبه لسانه ويصدق لسانه قلبه } فهذه أعلى درجة، فأفضل أنواع ذكر الله: أن يكون اللسان مصدقاً للقلب والقلب مصدقاً للسان.
ومن أمثلة أعمال الجوارح: الصلاة، وهي أعظم أعمال الجوارح؛ فلو صلاها العبد بلا عمل القلب، لم ينفعه ذلك، وقد قال بعض السلف : [لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ]، وهذا ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحيح، لكن الكلام حق، فلابد في الصلاة من النية والخشوع، ولابد من اليقين والتصديق لله سبحانه وتعالى الذي أمرنا بهذه الصلاة، وفي الصلاة أيضاً -مع ذلك- عمل الجوارح؛ فعلى الإنسان أن يقوم -مع القدرة على القيام- بأن يركع كما كان يركع النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستوي راكعاً، ثم يرفع ويقول ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسجد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {صلوا كما رأيتموني أصلي }.
فلأجل أن يكون العبد مؤمناً على الحقيقة، ويستحق ما وعد الله به عباده المؤمنين وأصفياءه المتقين؛ لابد أن يأتي بأركان الإيمان الأربعة:
- قول القلب.
- قول اللسان.
- عمل القلب.
- عمل الجوارح.
وهذا هو معنى كلام السلف أن الإيمان قول وعمل.