ما هو الحق؟
يعّرف الله سبحانه وتعالى الحق والخير بأنه الايمان بالله والآخرة، والتصديق بالرسل، وأن هذا الايمان لابد أن ينتشر ويصبغ الأعمال جميعاً بصبغته. فمن آمن بحقٍ وكفر بحق آخر، فهو بمثابة من لم يؤمن بكل حق بتاتاً، لأن الحق كل الحق هو الذي يجب أن يكون محـور الايمان. فمن آمن بالله وأنكر الآخرة، أو آمن بالآخرة وأنكر الرسل أو رسولاً منهم، كان كمن لا يؤمن بالحق كله.ٍ وبمعنى آخر؛ لا يمكن أن تمثل الازدواجية في الايمان طريقاً إلى الحق المطلق، ومثل هذا المرض وهذه العقدة النفسية والفكرية قد أصابت بني اسرائيل حينما بعث رسول الإسلام الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، إذ أن العصبية والجاهلية هي التي تحكمت بحركتهم، علماً إن اليهود كانوا يعرفون أكثر من غيرهم النبوة الحقة لنبينا صلى الله عليه وآله.
ثم إن القرآن المجيد يشير إلى نماذج كثيرة للغاية والتي تجعل من إيمان الفرد أو المجتمع إيمانا ذا بعد واحد، كما تصور لنا آياته الكثيرة الأخرى نماذج مغايرة من شأنها أن تحول الإيمان إلى شرك، أو شرك خفي على الأقل.
ومن هنا يتضح لنا بأن الخط الفاصل بين الايمان والشرك لا يعدو أن يكون فاصلاً دقيقاً للغاية.
فالدافع إلى طلب المال قد يكون الإيمان، وقد يكون نقيضه وهو الشرك. ففي الحالة الأولى لعل الدافع يكون الكدّ على العيال أو لجمع المال للتبرع في سبيل الله، أو لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعزة الشخصية. أما الحالة الثانية فحيث يكون طلب المال من أجل جمع المال ومنعه من الوصول إلى أصحابه، أو تجميد فاعليته كنعمة من نعم الله.
فالعمل كما العقيدة، له بعدان متفاوتان؛ فجانب الخير تمثل في أحد نماذجه، في أن تبرع الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام وأهل بيته الأبرار عليهم السلام بطعامهم للمسكين واليتيم والاسير، حتى خلّد الله تبارك وتعالى هذه الحادثة الكريمة في القرآن الكريم، وجعلها عبرةً لمن يتخذ الايمان طريقاً نحو الحق، لأن هذا العطاء كان إيثاراً على النفس وحباً للفقراء..
ولكننا نرى - وللأسف الشديد - إن بعض الناس ينفقون أموالهم ويساعدون الفقراء، غير أنهم لا ينفقونها انطلاقا من نية مخلصة ومؤثرة، بل هم يبذلونها في الحفلات العامة، حيث الدعاية وعدسات التصوير وحضور الجمهور !.. فهم لا ينفقون الدينار حتى يضمنوا لأنفسهم أرباحاً مضاعفة؛ بمعنى أن هؤلاء يتخذون من الفقراء والمساكين وأوضاعهم المؤسفة جسراً للعبور نحو تحقيق أطماعهم وأغراضهم الدنيئة.
ففي الوقت الذي يقول الله سبحانه وتعالى، حينما يتناول موضوع بذل المساعدة للضعفـاء: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ( (الحج/37) نجد أن الانتهازيين والنفعيين لا يحسبون للحصول على التقوى وتحقيق إرادة الله في الإنفاق أي حساب، وهم بذلك -شاؤوا أم أبوا- قد خضعوا لشيطان الشرك في داخلهم.
وهنا لابد من التأكيد ان الله سبحانه وتعالى يوجهنا إلى أخذ الكلمات القرآنية بمعانيها التامة، فهو يأمرنا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.. وبطبيعة الحال فإن إقامة الصلاة لا تعني تأدية الفرائض اليومية فحسب، بل إن الأمر الإلهي المقدس يعني أول ما يعني إقامة الصلاة مع كل الواجبات المحيطة بها، ويعني إقامة المجتمع على أساس الصلاة.
فقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ( (العنكبوت/45) دليل أكبر على ما نذهب إليه، حيث إن روح الصلاة والتوجه إلى معانيها الفاضلة هو العامل المساعد والضامن الأول لتوافر معطياتها الخيرة، وإلا فإن مجرد القيام والقعود والركوع والسجود الخالي عن الروح والنورانية لا يفي بالغرض المقدس أبداً.
ونحن إذا نظرنا إلى مجتمعاتنا المسلمة، نلاحظ إن السبب في تراجع مدنيتها
يكمن في تمسكها بقشور العبارات القرآنية والدينية، بمعنى إنها بالتزامها بالقشور وحالة الفراغ قد حكمت على نفسها بالالتزام بنوع باهت في الثقافة، لم يكن الشارع المقدس يرضى به. فهذه المجتمعات لم تبحث عن المصاديق الواقعية والصحيحة للدين الإسلامي الحنيف التي تدعي الانضمام تحت لوائه، ولم تعتنق أو تلتزم بالثقافة المدنية الغربية -مثلاً- لتحقق على الأقل ما حققه الغربيون من تقدم مادي ودنيوي. ولذلك نرى التراجع يتكرس في حركتها كلما تقدم بها العمر، وهذا الواقع سيظل على ما هو عليه ما لم تنتبه هذه المجتمعات إلى حركتها وتصلح من فهمها لحقيقة الدين الإسلامي.
ومن المصاديق الأخرى التي يثبتها الله تبارك وتعالى لدى تعريفه مصطلح الحق، الصبر، صبر المؤمنين في البأساء والضراء، وهذه في الحقيقة من أجلى التعريفات واعودها نفعاً على الحركة الاجتماعية.
فالإنسان والمجتمع المؤمن هو من تتوافر فيه صفة الاستقامة؛ الاستقامة التي تستدعي التضحية بمختلف أشكالها وألوانها، دون من تزل قدمه بمجرد إثارة شبهة أو ضغوط.
إن البأساء والضراء حالتان موجودتان مادامت الحياة موجودة؛ إذ هما احد المقاييس المهمة التي يثبت فيها المؤمن إيمانه، فيصح إطلاق اسم المؤمن والمتقي عليه، أي يكون اسماً على مسمى.
يعّرف الله سبحانه وتعالى الحق والخير بأنه الايمان بالله والآخرة، والتصديق بالرسل، وأن هذا الايمان لابد أن ينتشر ويصبغ الأعمال جميعاً بصبغته. فمن آمن بحقٍ وكفر بحق آخر، فهو بمثابة من لم يؤمن بكل حق بتاتاً، لأن الحق كل الحق هو الذي يجب أن يكون محـور الايمان. فمن آمن بالله وأنكر الآخرة، أو آمن بالآخرة وأنكر الرسل أو رسولاً منهم، كان كمن لا يؤمن بالحق كله.ٍ وبمعنى آخر؛ لا يمكن أن تمثل الازدواجية في الايمان طريقاً إلى الحق المطلق، ومثل هذا المرض وهذه العقدة النفسية والفكرية قد أصابت بني اسرائيل حينما بعث رسول الإسلام الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، إذ أن العصبية والجاهلية هي التي تحكمت بحركتهم، علماً إن اليهود كانوا يعرفون أكثر من غيرهم النبوة الحقة لنبينا صلى الله عليه وآله.
ثم إن القرآن المجيد يشير إلى نماذج كثيرة للغاية والتي تجعل من إيمان الفرد أو المجتمع إيمانا ذا بعد واحد، كما تصور لنا آياته الكثيرة الأخرى نماذج مغايرة من شأنها أن تحول الإيمان إلى شرك، أو شرك خفي على الأقل.
ومن هنا يتضح لنا بأن الخط الفاصل بين الايمان والشرك لا يعدو أن يكون فاصلاً دقيقاً للغاية.
فالدافع إلى طلب المال قد يكون الإيمان، وقد يكون نقيضه وهو الشرك. ففي الحالة الأولى لعل الدافع يكون الكدّ على العيال أو لجمع المال للتبرع في سبيل الله، أو لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعزة الشخصية. أما الحالة الثانية فحيث يكون طلب المال من أجل جمع المال ومنعه من الوصول إلى أصحابه، أو تجميد فاعليته كنعمة من نعم الله.
فالعمل كما العقيدة، له بعدان متفاوتان؛ فجانب الخير تمثل في أحد نماذجه، في أن تبرع الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام وأهل بيته الأبرار عليهم السلام بطعامهم للمسكين واليتيم والاسير، حتى خلّد الله تبارك وتعالى هذه الحادثة الكريمة في القرآن الكريم، وجعلها عبرةً لمن يتخذ الايمان طريقاً نحو الحق، لأن هذا العطاء كان إيثاراً على النفس وحباً للفقراء..
ولكننا نرى - وللأسف الشديد - إن بعض الناس ينفقون أموالهم ويساعدون الفقراء، غير أنهم لا ينفقونها انطلاقا من نية مخلصة ومؤثرة، بل هم يبذلونها في الحفلات العامة، حيث الدعاية وعدسات التصوير وحضور الجمهور !.. فهم لا ينفقون الدينار حتى يضمنوا لأنفسهم أرباحاً مضاعفة؛ بمعنى أن هؤلاء يتخذون من الفقراء والمساكين وأوضاعهم المؤسفة جسراً للعبور نحو تحقيق أطماعهم وأغراضهم الدنيئة.
ففي الوقت الذي يقول الله سبحانه وتعالى، حينما يتناول موضوع بذل المساعدة للضعفـاء: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ( (الحج/37) نجد أن الانتهازيين والنفعيين لا يحسبون للحصول على التقوى وتحقيق إرادة الله في الإنفاق أي حساب، وهم بذلك -شاؤوا أم أبوا- قد خضعوا لشيطان الشرك في داخلهم.
وهنا لابد من التأكيد ان الله سبحانه وتعالى يوجهنا إلى أخذ الكلمات القرآنية بمعانيها التامة، فهو يأمرنا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.. وبطبيعة الحال فإن إقامة الصلاة لا تعني تأدية الفرائض اليومية فحسب، بل إن الأمر الإلهي المقدس يعني أول ما يعني إقامة الصلاة مع كل الواجبات المحيطة بها، ويعني إقامة المجتمع على أساس الصلاة.
فقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ( (العنكبوت/45) دليل أكبر على ما نذهب إليه، حيث إن روح الصلاة والتوجه إلى معانيها الفاضلة هو العامل المساعد والضامن الأول لتوافر معطياتها الخيرة، وإلا فإن مجرد القيام والقعود والركوع والسجود الخالي عن الروح والنورانية لا يفي بالغرض المقدس أبداً.
ونحن إذا نظرنا إلى مجتمعاتنا المسلمة، نلاحظ إن السبب في تراجع مدنيتها
يكمن في تمسكها بقشور العبارات القرآنية والدينية، بمعنى إنها بالتزامها بالقشور وحالة الفراغ قد حكمت على نفسها بالالتزام بنوع باهت في الثقافة، لم يكن الشارع المقدس يرضى به. فهذه المجتمعات لم تبحث عن المصاديق الواقعية والصحيحة للدين الإسلامي الحنيف التي تدعي الانضمام تحت لوائه، ولم تعتنق أو تلتزم بالثقافة المدنية الغربية -مثلاً- لتحقق على الأقل ما حققه الغربيون من تقدم مادي ودنيوي. ولذلك نرى التراجع يتكرس في حركتها كلما تقدم بها العمر، وهذا الواقع سيظل على ما هو عليه ما لم تنتبه هذه المجتمعات إلى حركتها وتصلح من فهمها لحقيقة الدين الإسلامي.
ومن المصاديق الأخرى التي يثبتها الله تبارك وتعالى لدى تعريفه مصطلح الحق، الصبر، صبر المؤمنين في البأساء والضراء، وهذه في الحقيقة من أجلى التعريفات واعودها نفعاً على الحركة الاجتماعية.
فالإنسان والمجتمع المؤمن هو من تتوافر فيه صفة الاستقامة؛ الاستقامة التي تستدعي التضحية بمختلف أشكالها وألوانها، دون من تزل قدمه بمجرد إثارة شبهة أو ضغوط.
إن البأساء والضراء حالتان موجودتان مادامت الحياة موجودة؛ إذ هما احد المقاييس المهمة التي يثبت فيها المؤمن إيمانه، فيصح إطلاق اسم المؤمن والمتقي عليه، أي يكون اسماً على مسمى.