أدركوني أدركوني
أتت صرخات متتالية من فتاة في عمر الورود.. تلتها أصوات امرأة شابة تنادي بصوت مرتفع... والجميع يقلن بصوت واحد ويرددن مطلبا واحدا :
أين السعادة والهناء وأين استقرار النفس وسكينتها؟!
لقد أرهقتنا الهموم ونالتنا الغموم وأقض مضاجعنا سحابة المعاصي التي تحوم في سمائنا... لقد حاصرتنا نيران الشهوة وأخذت الشاشات تحرك غرائزنا.. ولا تزال بقية إيمان في قلوبنا تستصرخكم.. أدركونا..
أختي المسلمة: نحن في زمن تعددت فيه وسائل الإعلام وتنوعت، وضج الكون بحضارة مادية ملأتها الملهيات والمغريات.. فبددت السعادة وقربت الشقاء ! وفي وسط بحر هادر متقلب يخشى المسلم فيه الفتنة على نفسه لما يرى من انتشار الشبهات وكثرة الشهوات قال النبي : { إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا } [رواه أبو داود]. وطمعا في جنة عرضها السموات والأرض وخوفا من الوقوع في الزلل، هاك نهرا صافيا رقراقا من كلام الله عز وجل ومن كلام رسول الله يزيل وحشتك ويذهب غوائل الشيطان ويهتك أستارا زينتها المعصية ! ستدركك رحمة الله عز وجل لتنجيك من عذاب أليم وتحميك من التردي في باب عظيم من أبواب الهلاك والدمار !
أختي المسلمة: من أعظم الأخطار التي تهدد المرأة المسلمة إثارة غريزتها وفتح باب الشهوة أمامها على مصراعيه، وبسبب بدايات بسيطة لا تلقى لها بالا قد تقع في الزنا المحرم. يقول الإمام أحمد رحمه الله: (لا أعلم بعد قتل النفس ذنبا أعظم من الزنا). وقد حرم الله عز وجل ورسوله الزنا لشناعة فعلته وقبح مورده ونهى الله عز وجل عن التقرب من دواعيه وأسبابه لأنه الخطوة الأولى نحو الوقوع فيه قال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً } [الإسراء:32]، والزنا من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل وهو رجس وفاحشة مهلكة وجريمة موبقة. قال : { ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له } وفي الحديث المتفق عليه: { لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن }. وقد أكد الله عز وجل حرمته بقوله: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الفرقان:68-70]، فقرن الله عز وجل الزنا بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب المضاعف، ما لم يرفع العبد موجوب ذلك بالتوبة والإيمان والعمل الصالح. وعلق سبحانه وتعالى فلاح العبد ونجاته على حفظ فرجه من الزنا، فلا سبيل له إلى الفلاح بدونه قال تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } [المؤمنون:1]، حتى قال تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [المؤمنون:5-6].
أختي المسلمة: الزنا عار يهدم البيوت الرفيعة، ويطأطئ الرؤوس العالية ويسود الوجوه البيض ن ويخرس الألسنة البليغة. وهو أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما اتسع وهو لطخة سوداء إذا لحقت أسرة غمرت صحائفها البيض وتركت العيون لا ترى منها إلا سوادا كالحاً. عقوبة الزنا خص الله حد الزنا بثلاث خصائص:
أ– القتل فيه بأبشع قتلة وأشد عذاب.
ب– نهى الله عباده أن تأخذهم بالزنا رأفة ورحمة.
جـ- أن الله أمر أن يكون حدهما بمشهد من المؤمنين وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر.
عقوبة الدنيا: إقامة الحد على الزاني والزانية إذا كانا محصنين وذلك: بقتلهما بالحجارة حتى يموتا لكي يجد الألم في جميع أجزاء الجسم عقابا لهما، ويرميان بالحجر كناية عن أنهما هدما بيت أسرة، فهما يرجمان بحجر ذلك البناء الذي هدماه. وإن كانا غير محصنين جلدا مائة جلدة بأعلى أنواع الجلد وغربا عاما عن بلدهما.
ومن عقوبة الزنا ما قاله النبي : { تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيستجاب له؟ هل من سائل فيعطى؟ هل من مكروب فيفرج عنه؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله له إلا زانية تسعى بفرجها.. } [رواه أحمد والطبراني بسند حسن].
ومن عقوبة انتشار فاحشة الزنا أن تكثر الأمراض والأوجاع ففي الحديث: {.. لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا } [رواه ابن ماجه]. وهذا مشاهد الآن في أمم الإباحية والرذيلة. قال عبد الله بن مسعود: ما ظهر الربا والزنى في قرية إلا أذن الله بإهلاكها.
ومن عقوبة الزنا: ما قاله في حديث الرؤيا: {... فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد نارا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كان أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة فقلت من هؤلاء؟ قالا لي: هؤلاء هم الزناة والزواني }. وجاء في الحديث أيضا: { أن من زنى بامرأة كان عليه وعليها في القبر نصف عذاب هذه الأمة }. ومن عقوبة الزنا: إنه يجمع خصال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة، فلا تجد زانيا معه ورع ولا وفاء بعهد ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيره تامة على أهله.
ومن عقوبة الزنا: سواد الوجه وظلمته، وظلمة القلب، وطمس نوره، وكآبة النفس وكثرة همومها وغمومها وعدم طمئانينتها، ومنها قصر العمر ومحق بركته والفقر اللازم. وفي الأثر: إن الله مهلك الطغاة ومفقر الزناة.
ومن عقوبة الزنا: أنه يسلبه أحسن الأسماء وهو اسم العفة والبر والعدالة، ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن، ومنها الوحشة التي تعلو وجهه وضيق الصدر وحرجه. ومن أعظم عواقب الزنى سوء الخاتمة، قال ابن القيم رحمه الله: (إذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يحال بينهم وبين حسن الخاتمة عقوبة لهم على أعمالهم السيئة).
أختي المسلمة: احذري الجرأة والإقدام على المعاصي كبيرها وصغيرها فإن نساء العرب في الجاهلية كن ينفرن من الزنا ولا يرضينه للحرة الأبية. عندما بايع رسول الله النساء على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين قالت هند بنت عتبة متعجبة: أو تزني الحرة يا رسول الله؟! وفي الأمثال العربية "تموت الحرة ولا تأكل بثدييها"
وتذكري أختي المسلمة أن الله يراك فاحذري مخالفته والوقوع فيما يغضبه.
طريق النجاة
أختي المسلمة: صانك الله بالعفاف وزينك بالتقوى اسلكي طريق النجاة واستيقظي من الغفوة وابتعدي عن أما يدفع بك إلى الهاوية ويسير بك إلى الحضيض ومن طرق النجاة:
1– عدم الخلوة بالرجل الأجنبي إطلاقا سواء في المنزل أو السيارة أو المحل التجاري أو الطائرة أو غيرها، وكوني أمة مطيعة لله عز وجل ولرسوله فلا ترضي لنفسك مخالفة أمرهما قال : { ما خلال رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما }.
2– التقليل من الخروج للأسواق قد المستطاع وتعبد الله عز وجل بالمكث والقرار في البيت امتثالا لأمر الله عز وجل {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33]. قال عبد الله بن مسعود: (ما قربت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها). وفي حالة الخروج ليكن معك محرمك أو امرأة ثقة من قريباتك، ولا تخضعي بالقول ولا تليني الكلام مع البائع فلا حاجة لأن ينقص لك ريالات مقابل أن ينقص دينك والعياذ بالله.
3– الحذر من التبرج والسفور حين الخروج من المنزل فإن ذلك من أسباب الفتنة وجلب الأنظار وقد ذكر النبي : { صنفان من أهل النار - وذكر منهما - نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات.. }، ومن أعظم أنواع الستر لبس العباءة المحتشمة وستر اليدين والقدمين، والبعد عن النقاب والبعد عن مس الطيب. وتشبهي بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة فإنهن كن يخرجن كالغربان متشحات بالسواد لا يرى منهن شيئا.
4– ابتعدي أيتها المسلمة عن قراءة المجلات الهابطة ومشاهدة الأفلام الماجنة فإنها تثير الغرائز وتهون أمر الفاحشة وتزينها باسم "الحب والصداقة" وتظهر الزنا باسم "العلاقة العاطفية الناضجة بين الرجل والمرأة" ولا تفسدي بيتك وقلبك وعقلك بعلاقات محرمة !
5– قال الله عز وجل: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ }[لقمان:6]، فابتعدي عن سماع الأغاني والموسيقى وعطري سمعك بالقرآن وحافظي على الذكر والاستغفار، وأكثري من ذكر الموت ومحاسبة النفس واعلمي أنك حين تعصين الله عز وجل إنما تعصينه بما وهبك من نعم فاحذري أن يسلبها منك.
6– الخوف من العلي القدير المطلع على السرائر هو أعظم أنواع الخوف وهو الذي يحجب عن المعصية. ولكن احتملي نسبة واحد في الألف أنك ربما زللت ووقعت في الزنا. فكيف الحال إذا علم والدك ووالدتك وإخوتك وأقاربك أو زوجك؟! وأصبحت في أعينهم وعلى ألسنتهم حتى تموتي "أنك زانية" والعياذ بالله !
7– ليكن لك رفقة صالحة تعينك وتسددك فإن الإنسان ضعيف والشياطين تتخطفه من كل مكان، واحذري رفيقة السوء فإنها تأتي إليك كاللص تتسلل خلسة حتى توقعك في الحرام، وتذكري عم النبي وهو رجل كبير السن راجح العقل ومع هذا كله فإن رفيق السوء أبو جهل حضر عند وفاته وكان سببا في موته على الشرك.
8– أكثري من الدعاء فقد كان نبي هذه الأمة دائم الدعاء كثير الاستغفار.
9– لا يفوتك وقت إلا والقرآن بين يديك تقرأين فيه، وحاولي أن تحفظي ما تيسر، وإن علت همتك فالتحقي بأحد دور التحفيظ النسائية، ونفسك إن لم تشغليها بالطاعة والعبادة أشغلتك بالباطل.
10– إن ما تبحثين عنه في العلاقات المحرمة لإزجاء الوقت وإشباع العاطفة إنما هو نتاج فراغ روحي وخواء قلبي وضيق في الصدر منشئه البعد عن الطاعة والعبادة {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه:124].
11– تذكري أنك سوف ترحلين من الدنيا بصحائف كتبت طوال أيام حياتك فإن كانت مليئة بالطاعة والعبادة فأبشري وإن كان غير ذلك فبادري بالتوبة قبل الموت.. فإن يوم القيامة هو يوم الحسرة.. {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم:39]، وهو يوم الفضائح وتطاير الصحف يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت ! وتذكري أختي المسلمة يوما توسدين فيه في القبر وحيدة فريدة !
12– الهاتف – أختي المسلمة – أصبح مصيدة لكثير من النساء فلا تكوني إحداهن وإن ابتليت بذئب بشري وبدأت معه علاقة محرمة فسارعي إلى قطعها قبل أن تتطور الأمور وأبلغي رجال الهيئة عنه، واعلمي أن الله سيجعل لك فرجا ونجاة منه.
13 – تذكري يا من تبحثين عن السعادة وتسعين نحو الجنة أن ذلك في طاعة الله واتباع أوامره.. {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } [النحل:97]، وتذكري أن ترك المعصية أهون من طلب التوبة. وأذكرك بحدث الحبيب : { إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت }. جعلك الله هادية مهدية عفيفة تقية نقية وزينك بالإيمان وجعلك من الصالحات القانتات ممن ينادون في ذلك الموقف العظيم: { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف:49].
أتت صرخات متتالية من فتاة في عمر الورود.. تلتها أصوات امرأة شابة تنادي بصوت مرتفع... والجميع يقلن بصوت واحد ويرددن مطلبا واحدا :
أين السعادة والهناء وأين استقرار النفس وسكينتها؟!
لقد أرهقتنا الهموم ونالتنا الغموم وأقض مضاجعنا سحابة المعاصي التي تحوم في سمائنا... لقد حاصرتنا نيران الشهوة وأخذت الشاشات تحرك غرائزنا.. ولا تزال بقية إيمان في قلوبنا تستصرخكم.. أدركونا..
أختي المسلمة: نحن في زمن تعددت فيه وسائل الإعلام وتنوعت، وضج الكون بحضارة مادية ملأتها الملهيات والمغريات.. فبددت السعادة وقربت الشقاء ! وفي وسط بحر هادر متقلب يخشى المسلم فيه الفتنة على نفسه لما يرى من انتشار الشبهات وكثرة الشهوات قال النبي : { إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا } [رواه أبو داود]. وطمعا في جنة عرضها السموات والأرض وخوفا من الوقوع في الزلل، هاك نهرا صافيا رقراقا من كلام الله عز وجل ومن كلام رسول الله يزيل وحشتك ويذهب غوائل الشيطان ويهتك أستارا زينتها المعصية ! ستدركك رحمة الله عز وجل لتنجيك من عذاب أليم وتحميك من التردي في باب عظيم من أبواب الهلاك والدمار !
أختي المسلمة: من أعظم الأخطار التي تهدد المرأة المسلمة إثارة غريزتها وفتح باب الشهوة أمامها على مصراعيه، وبسبب بدايات بسيطة لا تلقى لها بالا قد تقع في الزنا المحرم. يقول الإمام أحمد رحمه الله: (لا أعلم بعد قتل النفس ذنبا أعظم من الزنا). وقد حرم الله عز وجل ورسوله الزنا لشناعة فعلته وقبح مورده ونهى الله عز وجل عن التقرب من دواعيه وأسبابه لأنه الخطوة الأولى نحو الوقوع فيه قال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً } [الإسراء:32]، والزنا من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل وهو رجس وفاحشة مهلكة وجريمة موبقة. قال : { ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له } وفي الحديث المتفق عليه: { لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن }. وقد أكد الله عز وجل حرمته بقوله: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الفرقان:68-70]، فقرن الله عز وجل الزنا بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب المضاعف، ما لم يرفع العبد موجوب ذلك بالتوبة والإيمان والعمل الصالح. وعلق سبحانه وتعالى فلاح العبد ونجاته على حفظ فرجه من الزنا، فلا سبيل له إلى الفلاح بدونه قال تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } [المؤمنون:1]، حتى قال تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [المؤمنون:5-6].
أختي المسلمة: الزنا عار يهدم البيوت الرفيعة، ويطأطئ الرؤوس العالية ويسود الوجوه البيض ن ويخرس الألسنة البليغة. وهو أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما اتسع وهو لطخة سوداء إذا لحقت أسرة غمرت صحائفها البيض وتركت العيون لا ترى منها إلا سوادا كالحاً. عقوبة الزنا خص الله حد الزنا بثلاث خصائص:
أ– القتل فيه بأبشع قتلة وأشد عذاب.
ب– نهى الله عباده أن تأخذهم بالزنا رأفة ورحمة.
جـ- أن الله أمر أن يكون حدهما بمشهد من المؤمنين وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر.
عقوبة الدنيا: إقامة الحد على الزاني والزانية إذا كانا محصنين وذلك: بقتلهما بالحجارة حتى يموتا لكي يجد الألم في جميع أجزاء الجسم عقابا لهما، ويرميان بالحجر كناية عن أنهما هدما بيت أسرة، فهما يرجمان بحجر ذلك البناء الذي هدماه. وإن كانا غير محصنين جلدا مائة جلدة بأعلى أنواع الجلد وغربا عاما عن بلدهما.
ومن عقوبة الزنا ما قاله النبي : { تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيستجاب له؟ هل من سائل فيعطى؟ هل من مكروب فيفرج عنه؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله له إلا زانية تسعى بفرجها.. } [رواه أحمد والطبراني بسند حسن].
ومن عقوبة انتشار فاحشة الزنا أن تكثر الأمراض والأوجاع ففي الحديث: {.. لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا } [رواه ابن ماجه]. وهذا مشاهد الآن في أمم الإباحية والرذيلة. قال عبد الله بن مسعود: ما ظهر الربا والزنى في قرية إلا أذن الله بإهلاكها.
ومن عقوبة الزنا: ما قاله في حديث الرؤيا: {... فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد نارا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كان أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة فقلت من هؤلاء؟ قالا لي: هؤلاء هم الزناة والزواني }. وجاء في الحديث أيضا: { أن من زنى بامرأة كان عليه وعليها في القبر نصف عذاب هذه الأمة }. ومن عقوبة الزنا: إنه يجمع خصال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة، فلا تجد زانيا معه ورع ولا وفاء بعهد ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيره تامة على أهله.
ومن عقوبة الزنا: سواد الوجه وظلمته، وظلمة القلب، وطمس نوره، وكآبة النفس وكثرة همومها وغمومها وعدم طمئانينتها، ومنها قصر العمر ومحق بركته والفقر اللازم. وفي الأثر: إن الله مهلك الطغاة ومفقر الزناة.
ومن عقوبة الزنا: أنه يسلبه أحسن الأسماء وهو اسم العفة والبر والعدالة، ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن، ومنها الوحشة التي تعلو وجهه وضيق الصدر وحرجه. ومن أعظم عواقب الزنى سوء الخاتمة، قال ابن القيم رحمه الله: (إذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يحال بينهم وبين حسن الخاتمة عقوبة لهم على أعمالهم السيئة).
أختي المسلمة: احذري الجرأة والإقدام على المعاصي كبيرها وصغيرها فإن نساء العرب في الجاهلية كن ينفرن من الزنا ولا يرضينه للحرة الأبية. عندما بايع رسول الله النساء على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين قالت هند بنت عتبة متعجبة: أو تزني الحرة يا رسول الله؟! وفي الأمثال العربية "تموت الحرة ولا تأكل بثدييها"
وتذكري أختي المسلمة أن الله يراك فاحذري مخالفته والوقوع فيما يغضبه.
طريق النجاة
أختي المسلمة: صانك الله بالعفاف وزينك بالتقوى اسلكي طريق النجاة واستيقظي من الغفوة وابتعدي عن أما يدفع بك إلى الهاوية ويسير بك إلى الحضيض ومن طرق النجاة:
1– عدم الخلوة بالرجل الأجنبي إطلاقا سواء في المنزل أو السيارة أو المحل التجاري أو الطائرة أو غيرها، وكوني أمة مطيعة لله عز وجل ولرسوله فلا ترضي لنفسك مخالفة أمرهما قال : { ما خلال رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما }.
2– التقليل من الخروج للأسواق قد المستطاع وتعبد الله عز وجل بالمكث والقرار في البيت امتثالا لأمر الله عز وجل {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33]. قال عبد الله بن مسعود: (ما قربت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها). وفي حالة الخروج ليكن معك محرمك أو امرأة ثقة من قريباتك، ولا تخضعي بالقول ولا تليني الكلام مع البائع فلا حاجة لأن ينقص لك ريالات مقابل أن ينقص دينك والعياذ بالله.
3– الحذر من التبرج والسفور حين الخروج من المنزل فإن ذلك من أسباب الفتنة وجلب الأنظار وقد ذكر النبي : { صنفان من أهل النار - وذكر منهما - نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات.. }، ومن أعظم أنواع الستر لبس العباءة المحتشمة وستر اليدين والقدمين، والبعد عن النقاب والبعد عن مس الطيب. وتشبهي بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة فإنهن كن يخرجن كالغربان متشحات بالسواد لا يرى منهن شيئا.
4– ابتعدي أيتها المسلمة عن قراءة المجلات الهابطة ومشاهدة الأفلام الماجنة فإنها تثير الغرائز وتهون أمر الفاحشة وتزينها باسم "الحب والصداقة" وتظهر الزنا باسم "العلاقة العاطفية الناضجة بين الرجل والمرأة" ولا تفسدي بيتك وقلبك وعقلك بعلاقات محرمة !
5– قال الله عز وجل: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ }[لقمان:6]، فابتعدي عن سماع الأغاني والموسيقى وعطري سمعك بالقرآن وحافظي على الذكر والاستغفار، وأكثري من ذكر الموت ومحاسبة النفس واعلمي أنك حين تعصين الله عز وجل إنما تعصينه بما وهبك من نعم فاحذري أن يسلبها منك.
6– الخوف من العلي القدير المطلع على السرائر هو أعظم أنواع الخوف وهو الذي يحجب عن المعصية. ولكن احتملي نسبة واحد في الألف أنك ربما زللت ووقعت في الزنا. فكيف الحال إذا علم والدك ووالدتك وإخوتك وأقاربك أو زوجك؟! وأصبحت في أعينهم وعلى ألسنتهم حتى تموتي "أنك زانية" والعياذ بالله !
7– ليكن لك رفقة صالحة تعينك وتسددك فإن الإنسان ضعيف والشياطين تتخطفه من كل مكان، واحذري رفيقة السوء فإنها تأتي إليك كاللص تتسلل خلسة حتى توقعك في الحرام، وتذكري عم النبي وهو رجل كبير السن راجح العقل ومع هذا كله فإن رفيق السوء أبو جهل حضر عند وفاته وكان سببا في موته على الشرك.
8– أكثري من الدعاء فقد كان نبي هذه الأمة دائم الدعاء كثير الاستغفار.
9– لا يفوتك وقت إلا والقرآن بين يديك تقرأين فيه، وحاولي أن تحفظي ما تيسر، وإن علت همتك فالتحقي بأحد دور التحفيظ النسائية، ونفسك إن لم تشغليها بالطاعة والعبادة أشغلتك بالباطل.
10– إن ما تبحثين عنه في العلاقات المحرمة لإزجاء الوقت وإشباع العاطفة إنما هو نتاج فراغ روحي وخواء قلبي وضيق في الصدر منشئه البعد عن الطاعة والعبادة {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه:124].
11– تذكري أنك سوف ترحلين من الدنيا بصحائف كتبت طوال أيام حياتك فإن كانت مليئة بالطاعة والعبادة فأبشري وإن كان غير ذلك فبادري بالتوبة قبل الموت.. فإن يوم القيامة هو يوم الحسرة.. {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم:39]، وهو يوم الفضائح وتطاير الصحف يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت ! وتذكري أختي المسلمة يوما توسدين فيه في القبر وحيدة فريدة !
12– الهاتف – أختي المسلمة – أصبح مصيدة لكثير من النساء فلا تكوني إحداهن وإن ابتليت بذئب بشري وبدأت معه علاقة محرمة فسارعي إلى قطعها قبل أن تتطور الأمور وأبلغي رجال الهيئة عنه، واعلمي أن الله سيجعل لك فرجا ونجاة منه.
13 – تذكري يا من تبحثين عن السعادة وتسعين نحو الجنة أن ذلك في طاعة الله واتباع أوامره.. {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } [النحل:97]، وتذكري أن ترك المعصية أهون من طلب التوبة. وأذكرك بحدث الحبيب : { إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت }. جعلك الله هادية مهدية عفيفة تقية نقية وزينك بالإيمان وجعلك من الصالحات القانتات ممن ينادون في ذلك الموقف العظيم: { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف:49].