مطوية عيد الأم
أيها الأحبة: انتشرت في الآونة الأخيرة عادة دخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية، ألا وهي عادة الاحتفال بما يسمى عيد الأم، فما هي قصة هذا الاحتفال وما حكمه في الشريعة...؟؟
قصة هذا الاحتفال :
بداية لابد أن نعلم أن هذا الاحتفال عادة من عادات الغرب، وعيد من الأعياد الكثيرة والمتعددة لديهم و ومن عوائد الكفار في هذه الأعصار وما قبلها أن يجعلوا لكل حدث يتعلق بالأمة مناسبة فيجعلون له يوما يتذكرون فيه هذا الحدث سواء أكان فرحا أم ترحا ،
كما ابتدعت الرافضة يوم عاشوراء يوم حزن وجزع على مقتل الحسين.
ومن أعياد الكفار ما يرتبط ببعض المعاني، كعيد الحب وعيد الزهور وعيد رأس السنة، وقد عظمت في المسلمين فتنة التشبه بالكفار في هذا وغيره، وشاركوا الكفار في أعيادهم وأحدثوا لهم أعيادا على نحو عادة الكفار، وهي أعياد ولو سميت أياما، فالعيد ما يعود ويتكرر، وهذه الأيام كذلك ولو غالط المغالطون، فإنه ينطبق عليها حقيقة العيد،
السبب في ابتداع عيد الأم :
بسبب واقع الأم في الغرب، حيث تُلقى الأم -عند الكبر- ويقذف بها في ملاجئ العجزة، أو دور المسنين، أو تهجر في زاوية من زوايا بيتها المظلم...!!!
ولا يذكرها أولادها أو بناتها إلا حين إبلاغهم بموتها، فمن أجل ذلك تولدت لدى بعضهم فكرة عيد الأم لعلاج هذا القصور... فخصصوا لها يومًا واحدًا في السنة ، كي يحتفلوا بها، ويزوروها ويقدموا لها الهدايا
...!!!
بعض أضرار الاحتفال بما يسمى (عبد الأم) :
إن تشجيع الناس بإقامة هذا الاحتفال له آثار خطيرة وأضرار جسيمة، ولعل، أهمها :
1- فيه إيلام كبير للنساء اللاتي لم يقدر لهن الإنجاب، حيث يتمنين أن لو كان لهن أولاد يحتفلون بهن كما يحتفل باقي الأولاد بأمهاتهم...
2- فيه إيلام كبير لمن فقدوا أمهاتهم، حيث أن هذه العادة السيئة، تهيج العواطف والمشاعر في الأبناء والبنات فيزيد حزنهم وبكاؤهم... (لذلك تم تغيير اسمه من عيد الأم إلى عيد الأسرة).
3- فيه تجريم للأبناء بدون ذنب أو مبرر شرعي، حيث أصبح الابن الذي لا يشارك بتقديم هدية إلى أمه ينظر إليه بعين التقصير، ويشعر هو بالذنب والإثم..!!!
تنبيه: وسائل الإعلام تزيد- في إيلام الأبناء والبنات الذين فقدوا أمهاتهم والنساء اللاتي لم يقدر لهن الإنجاب، سواء: بالأغاني أو المقالات أو الكتابات أو القصص أو المسرحيات أو التمثيليات والتي تبث في هذه المناسبة المؤلمة، مما ينعكس سلبًا عليهم.
حكم عيد الأم في الشريعة :
إن عيد الأم إنما كان في بلاد الغرب ردًا على العقوق والجفاء والنكران المطلق للجميل، الذي عافى الله -تعالى- المسلمين منه... فالحمد لله الذي أنعم علينا بهذا الدين، الذي يجعل مجرد التأفف من الوالدين إساءة وعقوقًا
لذا فإن هذا التقليد لا يستحسنه إلا مَن كان بعيدًا عن شرع الله -عز وجل- وكان وعلاقته مع والديه مثل العلاقة الغربية الشادة
انتبهوا لعقيدتكم أيها المسلمون
فالمسلمون ليس لهم إلا عيدان كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال صلى الله عليه وسلم: "قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر"
في هذا الحديث دلالة على أنه كان لأهل المدينة في جاهليتهم يومان معيّنان يلعبون فيهما، فهما عيدان جاهليان، وقد أبطلهما النبي صلى الله عليه وسلم بما شرع الله من عيد الفطر وعيد الأضحى،
وقد ترك الصحابة عيدي الجاهلية وأهملوهما واستغنوا بعيد الفطر والأضحى، ونُسي ذانك العيدان، فلم يكن لهما ذكر في الإسلام،
ومضى على ذلك التابعون وتابعو التابعين ومن تبعهم بإحسان، لا يعظمون من الأيام والشهور إلا ما عظّمه الله، فلم يتخذوا يوما من الأيام عيدا إلا ما شرع الله لهم.......
إن ديننا الحنيف قد حكم على الأعياد بالتعبدية , لقوله صلى الله عليه وسلم ((قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما))
ومعلوم انه صلى الله عليه وسلم لم يسألهم: هل هذان اليومان اتخذتموه من باب التعبد أم من باب المواطنة؟ مع أن من أدآب النبوة وقواعد أخلاق الرسالة انه عليه الصلاة و السلام إذا رأى ما يحتمل أنه منكر ويحتمل أنه غير منكر= يستفصل قبل أن ينكر فإن تبين له أنه منكر نهى عنه وإلا فلا ...
ولا يقل قائلٌ أن اليومين الّذين أنكرهما النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة في المدينة لم يكنا عيداً،
لأنه معلوم أنه عليه الصلاة و السلام إذا أنكر منكراً قدم له بديلاً يحل محله ويسد فراغه .
فلما أخبرهم بالبديل عُلم حكم المُبدل , وكذلك الصحابة الذين أنكر عليهم النبي عليه الصلاة و السلام لم يخبروه ما إذا كان هذا العيد للمواطنة أوللتعبد والتدين.
فتوى اللجنة الدائمة في حكم الاحتفال بما يسمى عيد الأم (3/86) :
لا يجوز الاحتفال بما يسمى "عيد الأم" ولا نحوه من الأعياد المبتدعة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» [صحيح مسلم]،
وليس الاحتفال بعيد الأم من عمله -صلى الله عليه وسلم- ولا من عمل أصحابه -رضي الله عنهم- ولا من عمل سلف الأمة، وإنما هو بدعة وتشبه بالكفار........................... انتهى
مكانة الوالدين في الإسلام
أيها المسلمون: إن الأم في الإسلام لا تحتاج إلى يوم خاص (كالذي يسمونه بعيد الأم)، ليجتمع حولها أبناؤها فتسعد فيه مؤقتًا،
فقد وصانا الله -عز وجل- بها وبرعايتها والاعتناء بها، هي والأب طوال العام، وفي كل زمان ومكان، قال -تعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].
إن الأم المسلمة كل يوم هي في فرحة مع أبنائها الكرام البررة، الذين يجاهدون في سبيل إرضائها بشتى الوسائل والأساليب والصور، ويعلمون أن طريق دخولهم الجنة مرهون بحسن معاملتها وحسن عشرتها... فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد أصحابه ببر أمه قائلًا: «الزم رجلها، فثم الجنة» [حسنة الألباني].
وقد حذرنا -سبحانه- من العقوق والقطيعة للوالدين، وخص عقوق الأم بمزيد من التحذير (كما خصها بمزيد من البر) لأن عنايتها بالولد أكبر، وما ينالها من مشقة في حمله وإرضاعه وتربيته أكثر...
فقد جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك)، قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك)، قال: ثم من؟، قال: (ثم أبوك)». [متفق عليه].
فضائل بر الوالدين في الإسلام
* وبر الوالدين من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله -تعالى-، فعن أسماء -رضي الله عنها- قالت: «قدمت على أمي وهي مشركة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة (في النوال والبر والإحسان) أفأصل أمي (أحسن استقبالها)؟ قال: نعم صلي أمك» [متفق عليه].
* ومن البر -أيضًا- بر أصدقائهما، وقرابتهما، والتصدق والدعاء لهما، وأعمال الخير على نيتهما حتى ولو بعد وفاتهما... قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه» [صحيح مسلم].
* البر يورثك الجنة ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نمت فرأيتني في الجنة، فسمعت قارئاً يقرأ، فقلت: من هذا? قالوا: حارثة بن النعمان*. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *كذلك البر، فكان أبر الناس بأمه.
إثم عقوق الوالدين
* عن أبي بكرة، عن أبيه، قال: ذكرت الكبائر عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس، وقال: ألا وشهادة الزور. وما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت.
وعنه صلى الله عليه وسلم، قال: لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا من يكذب بالقدر، واليمين الغموس .
* وعن زيد بن أرقم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَن أصبح ووالداه عنه راضيين أصبح وله بابان مفتوحان من الجنة، ومَن أمسى ووالداه عنه راضيين أمسى له بابان مفتوحان من الجنة. ومَن أصبح وهما ساخطان عليه أصبح له بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحد فواحد قيل: وإن ظلماه? قال: وإن ظلماه، وإن ظلماه، وإن ظلماه.
* وعن أبي الطفيل، قال: سئل عليّ رضي الله عنه: هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يخص به الناس? قال: ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يخص به الناس إلا ما في قراب سيفي، ثم أخرج صحيفة فإذا فيها: لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من سرق منار الأرض، لعن الله من عق والديه*.
وأخيرًا:
يجب على المسلم أن يغتنم حياة والديه بالبر والإحسان، ولكن من كان مقصرا ثم تاب بعد وفاتهما، تاب الله -عز وجل- عليه...
والباب لا زال مفتوحًا أمامه لتدارك ما فاته من بر والديه بأعمال الخير على نيتهما... ولكن يبقى البر في حال الحياة أعظم وأفضل وأبرك وأكثر أجرًا.... فانتبهوا يا مسلمون وتداركوا...
وختامًا إليكم هذه العبرة :
يروى أن أحد الأبناء كان يضرب أباه في السوق، فقال له الناس: أتضرب أباك...؟؟؟ فقال لهم الأب: اتركوه يضربني فإني كنت أفعل بأبي هكذا...!!
فاحذر -أخي الحبيب- واعتبر...!!! فكما تعامل والديك يعاملك أبناؤك... فالجزاء من جنس العمل...
اللهم ارزقنا وجميع المسلمين بر أمهاتنا وآبائنا، إنك ولي ذلك والقادر عليه